تعريف التضامن
يقصد بالتضامن الاتحاد ومعاونة الغني أو القوي للإنسان الفقير أو الضعيف، وهو سلوك إنساني يتمثل في تخفيف آلام ومعاناة الناس، وتقديم المساعدة للآخرين عند الحاجة، ويستمد (التضامن) قواعده من التعاليم الدينية والمواثيق والقوانين الدولية، ومن الشعور الداخلي في كل إنسان سوي سليم بأن الإنسان مخلوق ضعيف يحتاج إلى مساعدة الآخر، وهي قيمة إنسانية تضمن استقرار المجتمعات وتقدمها.
التضامن هو مسؤولية تقع على عاتق الأفراد والجماعات كل حسب قدرته وحسب موقعه ودوره، والتخلي عن التضامن “إن تعرَف” ما هو تخل عن روح الإنسانية، وهناك بعض المجتماعات التي تقتصر في تضامنها على من هو في محيطها من أقارب وجيران، بينما يعتقد آخرون أن التضامن يجب أن يكون بينه وبين كل من هو بحاجة له من خارج مجتمعه وعلى اختلاق دينه واهتماماته السياسية الأخرى، فتراهم يبحثون عن المحتاجين من مختلف أنحاء العالم ليقدموا لهم كل مافي وسعهم لمساعدتهم.
التضامن والتعاون في الإسلام هو قيمة شاملة لكل الجوانب الحياتية، فهو يشمل الجانب الاجتماعي والروحي والمادي.
كتب الله تعالى للمتضامنين أجرا عظيما، وفي الوقت نفسه فإن الإسلام لم يمنع الإنسان من النظر في حاجاته المادية، ولم يصادم فطرة الإنسان، بل دعا إلى التوازن بين الحاجات المادية لنفسه وبين المطالب الروحية التي يدعوه إليها حسه الإيماني.
مفهوم التضامن في الإسلام
والإسلام لم يقف فيما يحقق المجتمع الإنساني عند هذا الحد الطبيعي، الذي كثيرا ما تطغى عليه العوامل النفسية والشخصية، فتخرجه عن حد الاعتدال اللازم للهدوء والسعادة، والأمن والاستقرار، ولكنه شدَ أزر الطبيعة الاجتماعية بما يقويها ويقيمها من الانحراف والانحلال.
فربط بين أفراد الإنسان برباط قلبي يوحد بينهم في الاتجاه والهدف، ويجعل منهم وحدة قوية متماسكة، يأخذ بعضها برقاب بعض، سداها المحبة، ولحمتها الصالح العام، وهدفها السعادة في الدنيا والآخرة، وهذا الرباط هو رباط الإيمان والعقيدة المتصلة بمبدأ الخير والرحمة وهو الله – سبحانه وتعالى.
وقد اتخذ الإسلام عنوانا لهذا الرباط (الأخوة الدينية) بين المسليمن، وهي أصدق تعبير عن الحقوق والواجبات الاجتماعية، وهي أقوى ما يبعث في النفوس معاني التراحم والتعاطف والتعاون، وتبادل الشعور والاحساس، مما يحقق للمجتمع المثالية التي تخلصه للخير، وتبعد به عن الشر.
قرر الإسلام هذه الأخوة بين المسلمين، وجاء فيها قوله تعالى: (إنما المؤمنين إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلَكم ترحمون). وجاء فيها قول الرسول – عليه الصلاة والسلام: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه”.
أهمية التضامن على الفرد والمجتمع
التضامن هو من أهم الوسائل لتحقيق الغايات والأهداف حيث إن الفرد الواحد لا يستطيع مهما بلغ من قدرات وإمكانيات أن يحقق كل الغايات وحده. فالتضامن هو تكامل أدوار الجميع وتجميع مهاراتهم الفردية والمعرفية مما يعني سهولة وصول المجتمع أو جماعة أو أفراد لأهدافهم.
مواجهة الفقر والبطالة والمرض وذلك من خلال التضامن بين الجميع والذي سيكون من نتائجه الايجابية مساعدة الأغنياء أو القادرين لغير القادرين وبالتالي تتوافر سبل العمل وسبل العلاج من المرض ويعم الرخاء والتقدم.
التضامن هو العمل على زيادة نسب المعرفة والعلم في المجتمع لما يملكه التضامن من القدرة على التأثير بشكل إيجابي للغاية وكبير في مناقشة وتبادل الأفكار والمعارف الثقافية بين أفراد المجتمع مما يعمل على زيادتها والعمل على تصحيحها من الأخطاء أو النواقص أولا بأول وبالتالي يكون مستوى المعرفة والعلم عند أفراد المجتمع عالي وبنسب جيدة مما يعود على المجتمع بالنفع والفائدة.
التفعيل لعامل السرعة في انجاز الأعمال والمهام والغايات وذلك وقتا كبيرا من الممكن الاستفادة منه في أي أعمال أخرى.
العمل على توفير الجهد والتعب المبذول من جانب الأفراد نظرا لتعاونهم وتضامنهم من أجل تحقيق هدف واحد مما يكون من ضمن نتائجه تقليل الجهد المبذول لأنه في تلك الحالة تم توزيعه على الجميع.
انتعاش الاقتصاد المجتمعي وزيادة الدخل الخاص بالأفراد عليه زادت نسب المشاركة وعمت الفائدة على الجميع.
التضامن كلما زاد مقداره زاد حب العمل والتعاون المثمربين الناس.
التضامن من أحد الوسائل الهامة لتفريج الكروب والهموم عن أصحابها فعندما يتضامن الجميع مع بعضهم البعض تقل نسب الآثار السلبية للهموم والمحن عن أصحابها وذلك لتكاتف الجميع من حولهم لمواجهتها.
العمل على مواجهة ظاهرة الأنانية وحب الفرد لنفسه والتي يكون لها العديد من الآثار السلبية على أي مجتمع أو دولة أو كيان.
خصائص التضامن
الاندماج أو الذوبان، والانضمام تحت راية واحدة. إن التعاون الحقيقي هو المفضي إلى التكامل في العمل الخيري بتكميل الناقص ورتق الخروق، على أساس المحبة والترابط والتلاحم.
من ثمار التعاون: تحقيق الخير وتجديد الطاقة فكثيرا ما يخمد الحماس وتضعف الهمم، ويضوي التجديد، ويكل الفكر، ويقل الانتاج، وتتأخر النتائج، فإذا ما تلاقى أهل الهدف الواحد انبعثت الهمم من جديد وتجددت الطاقة وعادت الحيوية مرة أخرى.
وأورث هذا التلاقي والتلاقح والتنسيق والتعاون الأمور التالية: تطوير الابتكارات، شحذ الهمم إلى التسابق، التقدم والإنتاج والتفوق، العمل بأكثر من عقل. قال أحد السلف: “العاقل من أضاف إلى عقله عقول العلماء، وإلى رأيه أراء الحكماء، فالعقل الفرد ربما زل، والرأي الفذ ربما ذل” تسهيل العمل وتيسيره.